منتدى كل العرب
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

الأفكار التربوية في التربية - تاريخ التعليم

اذهب الى الأسفل

الأفكار التربوية في التربية  - تاريخ التعليم Empty الأفكار التربوية في التربية - تاريخ التعليم

مُساهمة من طرف سعد ناصرالدين الثلاثاء مارس 18, 2008 5:35 pm



أولاً : التعليم المستمر في الحضارات القديمة:

الحضارات القديمة والديانات السماوية نادت بفكرة التربية المستمرة حفاظاً لمسيرتها واستمرارها في الحياة، وضماناً لانتشار تعاليم الأديان السماوية بين الناس في الأجيال المتعاقبة. وكانت المجتمعات البدائية تسير على نمط ثابت في تعليم أفرادها في فترة الطفولة أو الشباب ففي الأيام الأولى يتم تعليمهم ما هو ضروري لحفظ الحياة ولضمان العيش وتوفير الأمن من الاعتداءات المتوقعة من الحيوانات المفترسة أو من الجماعات البشرية الأخرى.

وعندما يبلغ الأطفال سن الشباب والقدرة على تحمل الأعباء فأنهم يتعلمون من الكبار أعمالهم ومهنهم بالتقليد والمحاكاة باستخدام السلاح وتعلم فنون الصيد وركوب الخيل وبناء الزوارق والسباحة وبناء الأكواخ وجمع المحاصيل الزراعية وتوفير القوت الضروري، أمور يتعلمها الأفراد في القبيلة أو المجتمع الصغير بشكل مستمر لا ينقطع.

وعندما قامت مجتمعات الحضارات الأولى وظهرت المدارس كمؤسسات هادفة إلى نقل مفردات التراث الثقافي والمادي لم تعطي هذه المؤسسات على الأدوار التي كانت تمارسها الأسر أو البيوت بشكل تقليدي وطبيعي وخاصة في مجال نقل التراث من الأجداد إلى الأحفاد والمتضمن القيم والعادات والمعارف والمهارات إلا في استثناءات عابرة حيث كانت التربية المدرسية طبيعية فأما ما كان يحدث في التربية اليونانية الإسبارطية فالمحارب يتم إعداده إعداد خاصاً بعد الدراسة الأولية التي يتم تعليمه فيها، ومن ذلك تدريبه.

عند الصينيين:

ويعني على من يروم ارتقاء المناصب العالية في الدولة عليه أن يجهز نفسه بالتعلم على أيدي معلمين معنيين بجميع ما هو مطلوب منه حول التاريخ الصيني بتفاصيله الدقيقة وخاصة تعليم الكنفوشية، وينبغي على الفرد أن يجتاز ثلاث مراحل غاية في الصعوبة والدقة، يؤدي أحدهما إلى الآخر . وقد تستغرق فترة التعلم أو اجتياز الامتحانات فترة من عمره لا تقل عن ثلاثين عاماً على الأقل تقديراً.

وعلى الموظف أن يتابع تعلمه ويجدده باستمرار ومن الأقوال المأثورة التي حفظتها الكتابة (السنسكريتية) الكلاسيكية في القرن الثاني للميلاد "إن العقلاء يبحثون عن المعرفة كأنهم لن يموتوا أبدا، أو لن يشيخوا، ويحصلون على الفضل كأنهم سوف يموتون غداً" كما طالب أفلاطون في القوانين "بتربية يجد فيها كل إنسان طوال حياته ما يشبع رغباته وينمي قدراته".

أما في التربية الإسلامية:

فأن التأكيد على النمو الذاتي والاجتماعي في مجالات العلم والثقافة والبناء الحضاري كان له حضور دائم وأسس ثابتة لا تتبدل و لا تتغير بتبدل الأيام والسنين فالعلم دعامة ثابتة من دعائم الدين وطلبه فريضة على كل مسلم ومسلمة دون حدود للزمان والمكان.

ثانياً:التعليم المستمر في الحضارة العربية الإسلامية:

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "اطلبوا العلم من المهد إلى اللحد" وهذا تأكيد على امتداد عملية طلبه من الولادة وحتى آخر حياة الإنسان ، لأن الحياة تتطلب معرفة مستمرة دائمة لاكتشاف مجاهيلها، ومعرفة قوانينها لأنها زاخرة بالغوامض والثروات والقوى الطبيعية التي تحتاج إلى من يفل رموزها ويحل مغاليقها واكتشاف أسرارها التي مهما اكتشف منها الإنسان وتوصل إلى بعض دروبها وقوانينها فأن الباقي والمبهم والذي يحتاج إلى فهم اكبر وعلم أوسع لهو الكثير وبذلك يشير سبحانه وتعالى في كتابه الكريم "وما أوتيتم من العلم إلا قليلا" "وقل ربي زدني علما" "وفوق كل ذي علم عليم" وهذا يدل على أن كل العلم الذي توصل إليه الإنسان ….. ما هو إلا القليل مما يحتوي هذا الكون الواسع الذي نعيشه.

فكما أراد الله عز وجل رسله والصحابة والأئمة للإنسانية واستمرارية التعليم في صدر الإسلام نجد انهم حددوا هذه التربية بصفات خاصة لها وهي :-

1- التربية الإسلامية تربية مطلقة: من حيث الزمان والمكان، فلم يحدد الإسلام زمناً معيناً لطلب العلم بل جعله ممتداً طول حياة الفرد.وهذا الاتجاه تنادي به التربية المعاصرة وتضعه في قمة الأولويات التي نادت بها منظمة اليونسكو عام 1972م، والمكان أو مطلق وحض الإسلام على الحصول على العلم حتى في الصين التي كانت تعتبر هذه المناطق في صدر الإسلام آخر العالم وعلى اخذ الحكمة ومن أي وعاء خرجت.

2-تربية تتلاءم وتتوافق مع مجمل متغيرات نمو الأفراد وأعمارهم: ففي تربية الأطفال يحذر الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم من تربيتهم على نفس الأساليب ونفس المفاهيم التي تربى عليها آباؤهم، بقوله "انهم خلقوا لزمان غير زمانكم"فلذلك ينبغي على المسلم أن بتعلم ما يساير حياته.

3-تربية تستهدف تكوين المجتمع: فطلب العلم و التعليم في الإسلام ليس غاية في ذاتها بل وسيلة لنيل مرضاة الله عن طريق العمل به، وإفادة الناس بهديه ونتاجه فالرسول صلى الله عليه وسلم اعتبر التعليم صدقة بقوله "إن من الصدقة أن نتعلم العلم ثم نعلمه ابتغاء وجه الله عز وجل" وهذا أيضا ما تنادي به التربية المستمرة كهدف أساسي من أهدافها وهو تحويل المجتمع معلم ومتعلم.

4-التربية الإسلامية تربية شاملة للإنسان: فهي لا تفرق بين عامل السن أو الجنس ولا سلامة الأعضاء والحواس أو عدمها فهي في ذلك لا تفرق في طلب العلم بين الصغار والكبار وبين النساء والرجال وبين الأسوياء و المعوقين بل أكدت أن طلب العلم قضية مطلقة ليس لها حدود إلا من حيث القابلية على التعلم والقدرة على الاستيعاب والفهم حيث لا يكلف الله نفساً إلا وسعها".وكان التعليم قبل ظهور المدارس يتم في خطين متوازيين، خط تعليم الصغار (الكتاتيب) وخط تعليم الكبار في المساجد والجوامع وحلقات الدرس ومجالس المناظرة ودكاكين الوراق والمكتبات ودور العلم والمدارس والزوايا والتكايا والربط ومنازل العلماء وغير ذلك. كما أن التربية الإسلامية اهتمت بتعليم المرأة أيضا ولم يجعلها اقل حظاً من الرجل فقد ورد في القرآن الكريم"تعلمونهن مما علمكم الله" ويقول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم "ارجعوا إلى أهليكم فعلموهم".

ونقول في هذا الموضع أن التعليم المستمر بخصائصه وأهدافه واتجاهاته ودواعيه أصيل في التربية العربية الإسلامية فكراً وممارسة وما التسميات الحديثة "التعليم المستمر" و"التربية الدائمة"و"التربية المستمرة"و"التربية المستديمة"و"التعليم المتواصل" أو الدائم……… إلا تسميات لفكر راسخ تمتد جذوره في البدايات الأولى للتربية العربية الإسلامية التي نادت بتربية المجتمع بكل أفراده بدون تفريق ، فهي مصطلحات لفكر قديم بثوب جديد معاصر.

ثالثاً:التعليم المستمر في العصر الحديث:

فالتعليم المستمر كان موجوداً وممارساً في الماضي، لكن دون أن يحدد بقوانين أو أنظمة أو محددات من أي نوع، لكنه يمارس ويشجع عليه من خلال قناعات ثابتة بأهميته ودوره في تفتيح أذهان المتعلمين، إلا ما ورد محدداته في تعليمات وتوجيهات إسلامية من مصدريها الأساسيين (القران والسنة)فأنها واجبة العمل والتنفيذ لأنها محددة تماماً.

أما في التربية الحديثة "فالتعليم المستمر" بمفاهيمه وخصائصه ومحدداته التشريعية فأنه يعود بجذوره إلى المفكـر (كومنيوس) 1592-1670م الذي طالب بتربية مستمرة متكاملة لكل الناس.وقد حدد في كتابهDidacticamagne سنة 1621م والذي يعني (فن التعليم الأكبر) خلاصة فلسفته التي تنادي (بتربية جماهيرية عامة لكل الفئات المهنية والطبقات الاجتماعية بحيث لا يفرق فيها بين رجل وامرأة، وغني وفقير، لأن التربية تحرر الناس من سلبياتهم ونقائصهم، وتزيد إنسانيتهم التي تنمو بالعقل والفكر والعمل) وقد نادى هذا العالم (كومنيوس) بشعار عظيم لا زال التربويون يرددونه وهو"تعليم الكل للكل بشكل كلي" فالتعليم المستمر بهذا الاتجاه يختلط مع مفهوم تعليم الكبار الذي تمتد جذوره في التاريخ، والذي لم يتأصل في تشريعات وممارسات إلا في النصف الثاني من القرن الثامن عشر لدواعي النهضة الصناعية واتساع الحركة العلمية والفنية وانتشار المبادئ الديمقراطية. ومع ظهور التحولات الاجتماعية في دول أوروبا الغربية، مع العلم أن مفهوم التعليم المستمر في الوقت الحاضر يشمل تعليم الكبار أيضا والاهتمام بتعليم الكبار يزداد نمواً في القرن التاسع عشر حيث ترعى الدول الكبار فيها وتعلمهم وتدرب العاملين منهم ليعملوا على تحسين حياتهم في العيش والحياة.

فإذا تكلمنا عن تعليم الكبار كجزء أساسي من مكونات التعليم المستمر، فأن هذه النظرة تجعلنا نقول إن بعض الدول الغربية شهدت مولد الجامعات الشعبية وفتح صفوف لمحو الأمية والمدارس الصيفية ومدارس الأحد، وقاعات الدروس المسائية ومراكز الثقافة العمالية إلى آخر هذه الصيغ التعليمية الموجهة للكبار منذ سنة1860م فعلى سبيل المثال لا الحصر كان يوجد في فرنسا عام 1869م أربعة وثلاثون ألف برنامج دراسي يستفيد منها ثمانمائة عامل.وفي إنكلترا وسعت جامعة (اكسفورد) من وظائفها تحت اسم (الجامعة المتحدة) University Extensionأنشئ فيها قسم تعليم الكبار سنة 1845م.

ولعل أول فيلسوف يقترب من فكرة (التربية المستمرة) بشكل مباشر في العصر الحديث هو (باشــــلارد) Bachelard 1884-1962م حيث يعبر عن الثقافة التي تتوقف عند مدرسة الطفولة والشباب بأنها جامدة ،ويرى أن الفكر العلمي ينمو تربوياً بصفة مستمرة، وبالتالي ينبغي متابعته.

وفي عام 1968م حدد المؤتمر العام لليونسكو اثني عشر هدفاً لعام التربية الدولي الذي أقرته( المنظمة) أن يكون عام1970م كان من بينها هدف ( التربية المستمرة) أما الدول الاشتراكية فأن سياستها التعليمية تؤكد على ضرورة تجاوب النظم التعليمية فيها مع التطورات والمتغيرات الحاصلة في حجم ونوع مستوى المعارف والمهارات وفي وسائل الإنتاج وما يؤدي ذلك في تطوير المهن ، وعلى ذلك فأنها تدعوا إلى اتخاذ الإجراءات اللازمة لاستيعاب مثل هذه التطورات والتغيرات في المجالات المختلفة، ومن تلك الإجراءات تطوير أنظمة التعليم عن بعد وغيرها من المؤسسات التي تهتم بالتعليم غير النظامي، ولذلك نجد أن القوانين التربوية التعليمية في هذه الدول تنص على ضرورة تنظيم مؤسسات



التعليم النظامية بشكل يخدم غرض (التعليم المستمر) و إنشاء مؤسسات أخرى تخدم أغراض التعليم "عن بعد"مثل التعليم بالمراسلة والتعليم الجزئي في المستوى الثانوي أو الجامعي أو بعد التعليم الجامعي والتعليم بعد الجامعي يعطي أهمية كبيرة فمثلا يؤكد نظام التعليم الموحد الاشتراكي في ألمانيا الديمقراطية 1965م في (الفصل السابع) الجزء السادس على ضرورة إيجاد وسائل جديدة لاستمرار خريجي التعليم العالي في التعليم.

في رومانيا: وقانون التعليم فيها لسنة 1968م فأنه يؤكد في مادته 5 (194) على ضرورة استحداث دراسات تعليمية بعد إنهاء التعليم العالي، في سبيل تطوير الإمكانات المهنية للخريجين ولتعريفهم بالجديد من العلم والتكنولوجيا في مجال التخصص أو المجالات الغريبة منها.

في بولونيا: عام 1973م يؤكد نظامهم على ضرورة التنسيق بين مؤسسات التعليم المدرسي واللامدرسي في تطوير معارف وإمكانات الأفراد العاملين في المهن المختلفة في سبيل إعادة تدريبهم وتجديد وتوسيع مهاراتهم وخبراتهم.

خــــــــــــــــــــلاصـــــه

من كل ما تقدم نستخلص أن التعليم المستمر في الوقت الحاضر نضجت فكرته و تبلورت مفاهيمه وآل إلى مبدأ تربوي هام،ينظم كل أنواع ومستويات التربية في المجتمع، فالدول المتقدمة إذا كانت قد قطعت في تنفيذه أشواطا طيبة وخاصةً في مجال تجديد المعلومات فأن الدول النامية بدأت في تعديل قوانينها بحيث تسمح بدخول الأشكال البديلة في التعليم تدريجياً

وبمرور التاريخ، وتتابع التجارب، فقد استفادت التربية من العلوم الأخرى، وخاصة الإنسانية، كما في علم النفس والفلسفة، واستطاعت التربية من خلال هذه العلاقة على إجابة على السؤال المهم: لماذا نربي؟؟[1]

المراجــــــع:




1- عماره مصطفى "جواهر التجاري"

2- حبيب عايف "تعليم الكبار في التراث العربي الإسلامي"

3- بيتر فورتر "المخطط والتعليم مدى الحياة"

4- قمبر محمود "التربية المستمرة"

5- مزعل جمال أسد "دراسات في التربية المقارنة"

6. أ. د. عبدالمنعم محمد عثمان ، مدخل إلى التربية، برنامج التربية ثي111، ط1، الجامعة العربية المفتوحة، الصفاة، الكويت.





[1] . أ. د. عبدالمنعم محمد عثمان ، مدخل إلى التربية، برنامج التربية ثي111، ط1، الجامعة العربية المفتوحة، الصفاة، الكويت.، ص 85

سعد ناصرالدين

عدد الرسائل : 195
تاريخ التسجيل : 28/02/2008

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى